الحرب مع داعش: الغرب يخطئ مرة اخرى في مكافحة الإرهاب: باتريك كوكبرن
“الدولة الإسلامية” ستبقى في قلب الأزمة المتصاعدة في الشرق الأوسط هذا العام كما كانت في العام 2014، فقد غزت في الصيف بعض الاراضي في العراق وسورياعلى الرغم من أنها فقدت في الأسابيع الأخيرة بعض المدن لصالح الأكراد والمليشيات الشيعية .
الضربات الجوية الاميركية التي استهدفت مقرات داعش في العراق وسوريا في الفترة الممتدة من 8 اغسطس الى 23 سبتمبر استطاعت تكبيد المجموعة خسائر فادحة بالأخص في البلدة الكردية السورية (كوباني). هدف داعش دائما هو تجنيد عشراتالمقاتلينوذلك مكنها من القتال على عدة جبهات من جلولاء على الحدود العراقية مع إيران إلى ضواحي حلب في سوريا.
تنظيم داعش يعزز قوته في غرب سوريا، في حين تفقد الدولة السورية ميزة محاربتها للمعارضة المجزأة، التي توحدت تحت قيادة داعش وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة .
قبل عام فقط رفض الرئيس باراك أوباما الاعتراف بخطورة داعش، مقارنا اياه بفريق كرة سلة جامعي، (وقال اذا وضع فريق اسكواش للناشئين علامة لوس انجليس ليكرز على لباسهم لن يصبحوا كوبي براينت)، ولكن بعد عام لهجة اوباما تغيرت.
التقليل من قوة داعش كانت ثالث الأخطاء الكبيرة التي قامت بها الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في سوريا منذ العام 2011، وهذه الخطوة دفعت الى نمو قدرة داعش بشكل هائل في المنطقة..
واذكر انه بين عامي 2011 و 2013 كان الغرب وحلفائهمقتنعين بان الرئيس السوري بشار الأسد سيسقط كما حصل مع معمر القذافي في ليبيا.
وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من الحكومة العراقية، الا ان واشنطن لم تدرك قط ان استمرار الحرب في سوريا قد يخل بتوازن القوى العراقية وقد يؤدي إلى استئناف الحرب الأهلية هناك. وبدلا من ذلك فهي كانت تلقي باللوم على رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي لم يكن السبب في عودة العراق الى الحرب. الملوك السنة في الخليج ليسوا سذج الى ذاك الحد وهم يدركون تماما ان دعم المتمردين في سوريا سيضعف الحكومة الشيعية في العراق.
كيف تغيرت الظروف السياسية والعسكرية اليوم؟ تنظيم داعش لديه الكثير من الأعداء، ولكن هم لا زالوا مجزأين، والاستراتيجيات السياسية والعسكرية الأميركية تعمل في اتجاهات مختلفة.
الضربات الجوية الامريكية سوف تكون حاسمة حقا عندما يحصل التعاون الحقيقي على الارض. وهذا ما حدث في كوباني منتصف اكتوبر تشرين الاول عندما قرر البيت الأبيض في اللحظة الأخيرة أنه لا يمكن أن يسمح لداعش بإذلاله وتحقيق انتصارات اخرى، فجأة شارك الحلف المقاتلين السوريين الأكراد المهددين بالقتل الجماعي. كما هو الحال في أفغانستان في العام 2001 وفي شمال العراق في العام 2003.
عندما بدأ الحلف الدولي بالقصف علىسوريا، رأت الحكومة في دمشق أن هذا من مصلحتها، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية حاولت الولايات المتحدة، والأنظمة الملكية العربية والمتمردين السوريين وتركيا ان تفرض الحل العسكري على سوريا ولكن في العام الماضي حصلت الحكومة السورية على فرصة القيام بالشيء عينه من خلال السعي إلى انهاء الحرب بالأسلوب العسكري.
وكانت الحكومة قد استطاعت التقدم في وجه المتمردين، وقد بدا الضعف أكثر وضوحا مع انتقال المقاتلين التابعين لميليشيات الدفاع الوطني الى الجيش السوري.. وقد حقق الجيش السوري تقدما ملحوظا في حلب ودمشق.
الرئيس السوري بشار الأسد يتمتع بمزايا سياسية في الداخل والخارج، ولكن هيمنة داعش وجبهة النصرة يعني أن الجيش السوري سيفقد ميزة كونه قوة واحدة في وجه عدو مفكك.
حقق تنظيم داعش انتصارات كبيرة في العراق خلال العام الماضي مستفيدا من تخبط المجتمع السني العراقي.
وأصبحت الحرب حمام دم طائفي، في ظل غباب الجيش العراقي حيث قامت الميليشيات الشيعية وقوات البيشمركة الكردية بإخراج مقاتلي داعش من القرى والبلدات السنية.
يمكن لداعش ان تشن هجوما مفاجئا آخر كما في حزيران/ يونيو ، وهذا سيكون صعب خارج المناطق ذات الأغلبية السنية، على الرغم من أنه قد يثير انتفاضة في الجيوب السنية في بغداد، وربما له نتائج مدمرة على ما تبقى من السنة في العاصمة، الذين اضطروا للخروج من المناطق المختلطة في العام 2006 و 2007.
داعش يمكن أن يخلق الفوضى في العاصمة، ولكن قوة الميليشيات الشيعية قد تقضي على الجيوب المتبقية من السنة.
اثنين من الداعمين الخارجيين الرئيسيين لسوريا روسيا وإيران، كلاهما يعاني من انهيار في سعر النفط. وهذا قد جعلهم أكثر انفتاحا على حل وسط لاقتسام السلطة في سوريا، ولكن من غير الواضح أن الغرب وحلفائه العرب قد عرضوا عليهم اي صفقة. قد يكون هذا خطأ في المواجهة الكبرى بين السنة والشيعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
الإيرانيون حقا يشعرون انهم لا يستطيعون خسارة تلك الحرب، على الرغم من تأثير العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة. ميزان القوى بين الحكومة وداعش يبدو متساو إلى حد ما في العراق في الوقت الراهن، ولكن هذا ليس صحيحا في سوريا حيث العرب السنة يشكلون 60 بالمائة من السكان بينما في العراق يشكلون 20 %. الحقيقة ان تنظيم داعش يعزز نفسه في سوريا لأن الغرب وتركيا والدول العربية السنية تسعى لإسقاط الأسد، الخصم الرئيسي لداعش.
تبقى الأحقاد المتبادلة بطاقة قوة لداعش.
انفورميشين كليرنغ هاوس
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان