مقالات مختارة

وقف إطلاق النار قبل «جنيف 2» و «أنصار الله» تريد «مكافحة الارهاب» بنداً رئيسياً علي جاحز

 

بخلاف المرات السابقة، تبدو المحادثات المرتقبة في 15 من الشهر الجاري «جدّيةً» وقد تثمر حلا جذرياً للأزمة اليمنية بعد وقف إطلاق النار، الذي قال المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ إن حصوله قبل «جنيف 2» شبه أكيد. «أنصار الله» من جهتها، أكدت أن الأولوية هي لبحث مكافحة «القاعدة» و»داعش» كي لا تُترك الساحة لـ»الإرهاب» في ظل غياب الدولة

صنعاء | بعد محطات عدة شهدتها الأزمة اليمنية طوال أكثر من ثمانية أشهر من العدوان السعودي المتواصل على اليمن، بدأت تلوح مؤشرات جدّية على إمكانية خوض مفاوضات حقيقية تفضي إلى إنهاء الحرب ورفع الحصار، وهو ما عبرت عنه النتائج المعلنة للقاء المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ بوفد «أنصار الله» في العاصمة العمانية مسقط أول من أمس، والتي حملت تفاؤلاً لا يزال خجولاً ووعوداً لا تزال رهينة التنفيذ.

وكشف المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله» ورئيس وفد الحركة إلى مسقط، محمد عبد السلام، عن بعض ما خرجت به اللقاءات الأخيرة مع ولد الشيخ، حيث ناقش لقاءان متتاليان مع ولد الشيخ الملاحظات على مسودة أجندة حوار «جنيف 2» المرتقب بالاضافة إلى جوانب لوجستية. وفي حديثٍ إلى «الأخبار»، أفاد عبد السلام بأن اللقاءين خلصا إلى اتفاق على مكان وموعد المفاوضات منتصف الشهر الجاري في المدينة السويسرية جنيف، وهو ما تطابق مع تصريحات ولد الشيخ التي أكد فيها أمس، أن «محادثات السلام ستجري في سويسرا في 15 من كانون الاول الجاري».

وأكد عبد السلام أن الوفد بحث أول من أمس مع المبعوث الدولي مشروع وقف إطلاق النار وأن هناك تقدماً إيجابياً في اتجاه الحوار ووقف الحرب والتفاصيل المتعلقة بهذا الجانب. وأفاد عبد السلام بأنه جرى بحث سُبل وقف إطلاق النار وما يليها من خطوات بناء الثقة، مضيفاً: «من جهتنا عبرنا عن انفتاحنا لإجراء حوار جاد ‏ومسؤول». ورأى عبد السلام أن تحقق ذلك الأمر مرهون بالرؤية النهائية التي ستعلنها الأمم المتحدة وبمدى جديّتها في أن تعلن ما جرى الاتفاق عليه مع المبعوث الدولي.

من جهته، دعا ولد الشيخ في تصريحاته أمس كل الأطراف إلى «هدنة إنسانية تبدأ منتصف الشهر الحالي». وكشف المبعوث الدولي إلى اليمن أن «إعلان وقف إطلاق النار في اليمن قبل انطلاق مفاوضات السلام أصبح شبه أكيد»، مؤكداً أن الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي بات «على استعداد لإطلاق دعوة لوقف إطلاق النار في 15 ديسمبر (كانون الأول) الجاري». وأضاف ولد الشيخ أن «التحالف بقيادة السعودية يؤيد نقاشات وقف إطلاق النار».

وبحسب ما أفادت به المعطيات التي رشحت أخيراً من مسقط، فمن الواضح أن مشاورات جنيف ستتركز حول مواضيع مرتبطة بإيقاف العدوان وفك الحصار وتطبيع الوضع تمهيداً ‏لجولات حوار سياسية مقبلة. ‏وفي هذا الصدد، أكد عبد السلام أنه جرى الاتفاق «على دخول مرحلة وقف إطلاق نار على مرحلتين، وتتمثل المرحلة الأولى في وقف إطلاق ‏نار مبدئي ضمن خطوات بناء الثقة، يلي ذلك خطوة وقف دائم وشامل»، موضحاً أن الاتفاق تضمن آلية واضحة في ما يخصّ مسألة السلاح، بحيث يكون السلاح الثقيل للدولة. أما في ما يخص مسألة الانسحاب من المدن، فينبغي أن يكون، بحسب عبد السلام، في ظل ملء الفراغ ووجود قوة سياسية وأمنية، باعتبار وجود الدولة مطلب يتفق عليه الجميع. على أن يجري الاتفاق على مبدأ «مكافحة الإرهاب» المتمثل في تنظيمات ‏»القاعدة» و»داعش» وفك الحصار على اليمن ومعالجة آثار العدوان وخصوصاً قضية تمكين «القاعدة» و»داعش»، باعتبار أنه لا يمكن أن يكون هناك انسحابات وأو تسليم سلاح مقابل ترك فراغ أمني لـ «القاعدة» و»داعش».

وفي وقت عبر فيه ولد الشيخ عن تفاؤله بترحيب جميع الأطراف اليمنية بانعقاد «مؤتمر جنيف» منتصف الشهر الجاري، شدد عبد السلام على ضرورة أن يكون هناك استئناف للحوار السياسي، بحيث يجري من خلاله إيجاد رؤية سياسية شاملة لسد ‏أي فراغ سياسي قائم. وأضاف: «لا يمكن أن نقبل أن تسلم أي منطقة لداعش والقاعدة مرة أخرى تحت عنوان الشرعية أو تحت أي ‏عنوان آخر مهما كان»، معبراً عن تضامن حركته مع أبناء الجنوب للخروج من هذا الوضع المأساوي. وطالب عبد السلام حتى لا يحصل أي فراغ أمني تستغله المجموعات التكفيرية، بإعادة النظر في ما يسمى «مكافحة الإرهاب» ولتحدد تلك المجموعات ومن يقف وراءها ليتسنى للأجهزة الرسمية أن تنهض بمسؤوليتها مسنودة بتوافق سياسي وطني واضح.

ويمكن القول إن عودة العملية السياسية بين الأطراف اليمنية بعد ثمانية اشهر من الحروب والدمار والخراب الذي لحق باليمن لا يعكس انجازاً للعدوان، باعتبار ان القوى السياسية اليمنية كانت تجلس على طاولة المفاوضات برعاية المبعوث الدولي جمال بن عمر حين شنت السعودية عدوانها على اليمن. وبحسب إحاطة بن عمر الأخيرة، فإن السعودية هي من أفشلت تلك المفاوضات رغم أنها كانت في مراحلها النهائية، وهو ما ينطبق على مسألة ما يسمى «إعادة شرعية» هادي التي يرى «أنصار الله» في أكثر من مناسبة أنه هو من تخلى عنها ورفض وساطات دولية للعودة عن استقالته على رأسها وساطة المبعوث السابق، ما يجعل مسألة هروبه وإعلان تراجعه ليست أكثر من إعلان الخطوة الاولى في العدوان على اليمن.

ناشطون وسياسيون اعتبروا أن التفاؤل السائد حالياً بخصوص «جنيف 2»، لا يختلف عن ذلك الذي سبق مؤتمر «جنيف 1» الذي عدّه سياسيون «مهزلة كبيرة»، غير أن الوقائع تبدو كلياً مختلفة اليوم، وخصوصاً في ما يتعلق بميزان الحرب ونتائج العدوان وفرص نجاحه في تحقيق أي تقدم على الأرض، حيث باتت المؤشرات الميدانية التي يظهر الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» في أوج القوة والحماسة والتقدم على كل الجبهات داخلياً وخارجياً بينما يظهر العدوان ومؤيدوه في مرحلة الإنهاك والتفكك والتعثر في كل الجبهات، وهو ما من شأنه أن يعزز التفاؤل بأن تلتقي رغبات الأطراف كلها باتجاه أن ينعقد «جنيف» بجدية هذه المرة، كما أن نتائج ما يعتبره العدوان ومؤيدون «تحرير الجنوب» كانت كارثية، حيث لم تسفر سوى عن تمكن «القاعدة» و»داعش» من السيطرة على معظم الجنوب، وبرغم عودة هادي إلى عدن مع بعض رجالاته فإن «القاعدة» و»داعش» أصبحا يمارسان أنشطتهما الاجرامية بصورة علنية وفي ظل وجود قوات إماراتية كبيرة ومن جنسيات مختلفة، وهو ما يثبت أن الوضع في الجنوب يحتاج إلى أن يعالج ضمن حزمة حلول للوضع اليمني برمته.

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى